1. بدأ الأمر كله عندما بلغت العشرين من عمري أو من الأفضل أن نقول انتهى ، بدأت الرويا تلو الأخرى تتسلل إلى نومي وأشعر بما لا أفهم في صبحي ، نعم لقد جربت الذهاب لطبيب نفسي عل الأمر يُحل عنده ولكن لم يُحل منه شيء، اعتنق والدي الإسلام في عقده الثلاثين ولم تتحمل والدتي كلمات أقاربها فانفصلت عنه وهكذا تفككت عائلتي أخذت أمي أختي الصغرى وذهبت أنا مع والدي الذي لم يرغمني يوما على دينه ولكني لم ألبث أن اعتنقته أنا الآخر ولربما كان هذا أصح اختيار في حياتي.
    .أدعى رائد وأنا طالب في كلية الطب وإلى جوار ذلك أترجم بعض الكتب إلى اللغة العربية ،وذات يوم أُرسل لي طرد يحوي كتابا ومعه رسالة " ترجمه من فضلك" ، لم استجب لصاحب الرسالة لكثرة انشغالي بالدراسة فتناسيت الكتاب وعندما حلت العطلة ذهبت إلى برلين ولأني لا أجيد الطهو كنت أرتاد مطعما صغيرا،ذات يوم أخبرني صاحب المطعم أن شابة تبدو في مثل عمري تركت لي كتابا زهري اللون أخذته ولم تعتريني رغبة في فتحه ولكن أثناء انتظاري الفطور دفعني الملل إلى قراءة بعضه فما إن فتحت الصفحة الثالثة عشر حتى صعقت مما رأيت في أسفل يسار الصفحة ، أجل إنها صورة فتاة من الرؤيا
    بدا عليَّ بعض الارتباك فأغمضت عيني فإذا بصورتها تتمثل أمامي وشفتيها تتحركان ولكن لا أسمع صوتها حاولت الإمعان ولم يجد هذا شيئا فالصوت الوحيد الذي سمعته هو صوت معدتي تؤنبني لأني لم أنتبه للطعام على المائدة
    لبيت نداءها ثم تابعت القراءة لا أذكر أني التفت لأي شيء غير إني فتى يحمل كتابا زهريّ اللون مر الوقت ولم أشعر إلا بهاتفي يرن وعندما أجبت أحسست صوتا خافت لا أفهم ما يقوله  أوقفت هذه المكالمة المزعجة فرأيت أنه قد فاتتني عشرات المكالمات لم أنتبه إليها، وما عساني أفعل مع كل هذا ؟ أذهب للشرطة فترسلني إلى طبيب يفحصني فيشير بإرسالي إلى مشفى الأمراض العقلية؟! أترى أنني أخطأت في إحجامي عنهم ؟ لست من بلادهم وديانتي الإسلام ؛وكلا هؤلاء ليسوا دعاة سلام حقيقيين ولا مناصرين لحقوق الإنسان كما يرجح أن يجول بخاطر البعض بل هذا سلاح لو علمت عظيم ، ألم أخف ؟! بل قل دب الرعب في قلبي ،دفعت أجر فطوري ونهضت أتمشى ، ومجدداً أعاود القراءة وأكثر ما أرقني عبارات صيغت بالعربية "لست أول شخص يقع في هذه الدوامة ،لم يتح لي النجاة فحاولت إتاحتها لغيري ، لا مجال للصدفة، لقد دبروا كل شيء" عادت الإنجليزية تسيطر على محتوى السطور حتى بلغت صفحة بها أرقام كأنما رصت لهدف ما حاولت التمعن فيها فلم أفلح ، انقطعت عن المحاولة لبضع دقائق فقد حان وقت الصلاة فحطت قدمي في المسجد وإذا بي انهي فرضي فأجد طفل يلهو بمصيري ، لا تستكثر الوصف فقد أصحى الكتاب مصيري وربما مصيرك بعدي ويالقسمة السماء لقد خط بقلمه مرورا على الأرقام فبرز وجهة فتاة نحيلة الوجهة شعرها متوسط الطول ، غلبت على الحيرة وساقتني قدمي لغرفتي ثم سريري ولم أفارقه حتى انهيت القراءة شغلتني التفاصيل خاصة عبارة خطت بيد أحدهم ، هل تذكر الطرد هو نفس خط الرسالة التي أُلحقت به ،غالبت الإرهاق ولكن سلطان النوم هو الغالب دوما وما هي إلا بضع دقائق حتى سمعتها تهمس ولنقل كان هذا لقاءنا الأول
    الحوار الذي دار بيننا لم يكن منصفا بل كان مشوبا بغموضٍ لم استسغه أبدا، كنت آمل أن تقول إنها جزء من مخيلتي وأن كل هذا عبث لا أكثر، في مثل هذه اللحظات حتى الرجال يصيبهم شيء من الهلع، الشيء الوحيد المنصف في كل هذا أني أعلم بعض مما عليّ فعله،سأذهب إلى (لوندرس_لندن) وأتبع خارطة رُسِمَت في ذهني،..... السر الكبير وراء كل هذا وجود أمٍ مات زوجها أو قُتل وخلف وراءه ثلاثة صبية وفتاة واحدة، قِيدت الأم في شوارع لوندرس كما يُقاد القين وعُذبت حتى أذن الله لها بالسكينة، وبعد بضع ليال عثر بعض الكشافة على جثة يُقال أنها لطفل في السابعة من عمره لا يبين منها إلا عين رمادية غلبت عليها حُمرة لا تدري إن كانت من شدة الألم أم من فرط الخوف .. وياللأسف لم يحرك هذا أحدهم ليبحث عن باقية الأطفال أو يشعل العالم بما يحدث معهم .. هل فقد الناس أفئدتهم؟! ألا يرق أحد لهذه الوقيعة؟!!!
    أما عن السبب الذي وضعني في مثل هذا الموقف المشين فقد أُخبِرت أن لي صلةَ دمٍ بشخصٍ له علاقة بتلك الحادثة وما لا أعلمه هو إن كانت الصلة بالقاتل أم المقتول، ربما تدفع المرء الشهامة أن يتمنى أن يكون من عائلة المقتول فمن الأفضل أن تظهر أمام الناس بعين المظلوم لا الظالم، لكن تبقى المعضلة التي دفعتني حقا للسفر، العلة وراء الجريمة النكرراء ...