"حدّثني صديق لي عن اختبار له في أحد البلدان، حيث رأىيوماً جموعاً من الناس تزدحم حول أحد المرافئ. سأل عن سبب ذلك الازدحام، فقيل له: "إنّ شاباً بنى لنفسه مركباً وهو على وشك الانطلاق فيه لوحده في رحلة حول العالم". وكان الجمع كله، من دون استثناء، في حال من التشاؤم لم يحاول أحد إخفاءها. الكل كانيذكّر البحّار الطموح بكلّ ما يمكن أن يتعرّض له من مخاطر: "الشمس ستكويكوالخبز لن يكفيك! والمركب الذي بنيت لن يصمد في وجه العواصف. وفي كل حال لنتبلغ هدفك!"
عندما سمع صديقي كلّ تلك التحذيرات المضنية توجَّه إلى ذلكالشاب المغامر، أحسّ بدافع قوي في نفسه يحثّه على أن يزوّده بشيء من التشجيعوالتفاؤل. لمّا بدأ القارب يبتعد عن الرصيف أسرع صديقي نحوه ملوّحاً بيديه وكأنالثقة تتدفّق من يديه وكل جوارحه وأخذ يصرخ: "أتمنى لك سفرة ًموفّقة! إنك شخصٌ غيرعاديّ! قلوبنا معك! ونحن نفخر بشجاعتك! وفقك الله ياأخي!"
يبدو لي أحياناً أن الناس ينقسمون إلى نوعين. نوع يبحث عنكل كروه قد يحدث لنا ونحن نحاول أن نشقّ طريقنا الخاصّة في الحياة، ويأخذ على عاتقهأن يذكّرن دائماً بذلك: "انتظر كم ستعاني من البرد والألم في عالم كله مظلم". ونوع آخر يقف على الرصيف ويلوّح، منه يسطع الإيمان بنفسه والثقة بنا،ومن ملء فمه تنطلق الدعوة بالتوفيق