استدعى أحد الخلفاء شعراء مصر . فصادفهم شاعر فقير بيده جرّة فارغة ذاهباً إلى البحر ليملأها ماء . فتبعهم إلى أن وصلوا إلى دار الخلافة.
فبالغ الخليفة في إكرامهم والإنعام عليهم.
ولّما رأى الرجل والجرّة على كتفه ونظر إلى ثيابه الرّثة قال له:
من أنت ..؟
وما حاجتك ..؟

فأنشد الرجل:
ولما رأيتُ القوم شدوا رحالهم
إلى بحرِك الطَّامي أتيتُ بِجرتّي

فقال الخليفة:
املؤا له الجّرة ذهباً وفضّة.
فحسده بعض الحاضرين وقالوا:
هذا فقير مجنون لا يعرف قيمة هذا المال فلربّما أتلفه وضيّعه.
فقال الخليفة:
هو ماله يفعل به ما يشاء..
فمُلئت له جرّته ذهباً.
وخرج إلى الباب ففرّق المال لجميع الفقراء..
فبلغ ذلك الخليفة..
فاستدعاه وسأله على ذلك فقال:
يجود علينا الخيّرون بمالهم
ونحن بمال الخيّرين نجود..

فأعجب الخليفة بجوابه وأمر أن تُملأ جرّتُه عشر مرّات وقال :

الحسنة بعشر أمثالها..
اﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻣﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﻮﻓﺎﺀ ﺑﻬﻢ
ﻭﺍﻟﻌﺴﺮ ﻭﺍﻟﻴﺴﺮ ﺍﻭﻗﺎﺕ ﻭﺳﺎﻋﺎﺕ..
ﻭأﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﺭى ﺭﺟل
ﺗﻘضى ﻋلى ﻳﺪﻩ ﻟﻠﻨﺎﺱ حاجات..
ﻻ‌ ﺗﻘﻄﻌﻦّ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﻌﺮوف ﻋﻦ أﺣﺪ
ﻣﺎ ﺩﻣﺖ ﺗﻘﺪﺭ ﻭﺍﻻ‌ﻳـﺎﻡ ﺗـــﺎﺭﺍﺕ..
ﻭﺍﺫﻛﺮ ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻠﻪ إﺫ ﺟﻌﻠﺖ
إﻟﻴﻚ ﻻ‌ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﺟﺎﺕ..
ﻓﻤﺎﺕ ﻗﻮﻡ ﻭﻣﺎ ﻣﺎﺗﺖ ﻓﻀﺎﺋﻠﻬﻢ
ﻭﻋﺎﺵ ﻗﻮﻡ ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ أﻣﻮﺍﺕ

---------------