فصل الربيع

غادرَ الشّتاءُ حزيناً مهزوماً لأنّه سوف يغيبُ تسعةَ أشهر ، ثمّ أطلّ الرّبيع يركض بين البساتين ، في الحقول ...

   وفي كلّ مكان مزهوّاً بنفسه ، يضفي لمستَه الخضراءَ على الطّبيعة .

   ففيه تغدو الطّبيعةُ خلابةً خضراءَ نضرة ، كما لكلّ فصل رونقُه الخاصّ به .

 فما أجملَ الرّبيعَ عندما يقبّل تلك الشّجرةَ الحزينةَ العارية ، فتُزهر رياحينها البيضاء ، ويمشي على ضفاف النّهر الجافّ ، فتتدفّق مياهه الزّرقاء النّقيّة ، وابتسم ثغر الأرض ، وولدت الحبّات المدفونة في رحمها ، فخرجتْ زهراتٍ صغيرةً ملوّنة ، تتراقص جذَلاً وحبوراً، وشاركَها الهواءُ العليلُ رقصَها حين كان يداعب وجنات الزّهر ، ، وعادتِ العصافيرُ تغرّد من جديد ، وتشدو أناشيدَ السّرور ، وبنت أعشاشها فوق الأغصان المزهرة ، والشّمس تراقب هذا المنظر بعيون ملأى بالأمل ، وقد تربّعت في مملكة السّماء ، ونثرت جدائلَها الذّهبيّة على أكتاف الجبال .

في ذلك الطّقس يخرج الأطفالُ من سجن الشّتاء إلى حرّيّة الرّبيع وانطلاقه ليلعبوا ، ويمرحوا ، (( فروعةُ الجمالِ لا تُدرَك إلا إذا كانت النّفسُ قريبةً من مرح الطّفولة )) كما تعرف لنور النّهار عذوبةً كعذوبة الماء على الظمأ ؛ هذا هو صباح أيّام الرّبيع ؛ أمّا الليل فيبدو معرض جواهر أقيم للحور العين ، يرسل القمر أضواءه ليّنةً رخيّة ، هادئةً كإشعاع الحلم .

فكم أحبّ فصلَ الرّبيع ! فهو يذكي الحبّ والحياة في نفسي ، بألوانه وأنواره ونسماته ، كأنّه جنّة الله على الأرض